
تقوم مهنة المحاماة على قواعد راسخة من القانون والعدالة والأخلاقيات المهنية، غير أن البعد الإنساني يظل حجر الزاوية في العلاقة بين المحامي وموكله.
فالموكل لا يلجأ إلى المحامي إلا وهو يمر بأزمة، أو يواجه خطرًا على ماله أو حريته أو مكانته، ومن ثم فإن حاجته لا تقتصر على المشورة القانونية البحتة، بل تمتد إلى الدعم النفسي والاحتواء الإنساني.
إن التعامل مع الموكل بإنسانية عالية يعني أن يدرك المحامي أنه يتعامل أولًا مع إنسان قبل أن يكون ملفًا أو قضية، وأن يعامله باحترام وكرامة بغض النظر عن وضعه الاجتماعي أو حجم قضيته. هذه الإنسانية تظهر في حسن الاستماع لهموم الموكل، وتقدير معاناته، وتقديم النصيحة القانونية بصدق ووضوح، بعيدًا عن التعقيد أو الاستغلال.
كما أن التعامل الإنساني يعزز الثقة المتبادلة، وهي أساس نجاح العلاقة بين المحامي وموكله. فالموكل الذي يشعر بأن محاميه يقدّر مشاعره ويصون أسراره، سيكون أكثر تعاونًا في تزويده بالمعلومات، وأكثر التزامًا بتوجيهاته، مما ينعكس إيجابًا على مسار القضية.
ومن الناحية الأخلاقية، فإن إظهار التعاطف والرحمة لا يتعارض مع الحزم والاحترافية، بل يجسد المعنى الأصيل لمهنة المحاماة كرسالة للدفاع عن الإنسان وحمايته.
ولا يخفى أن للبعد الإنساني أثرًا مباشرًا على صورة المهنة ككل. فالمحامي الذي يتعامل مع موكليه بتجرد قانوني بارد قد يُنظر إليه على أنه مؤدٍ لوظيفة شكلية، بينما المحامي الذي يجمع بين العلم القانوني والإنسانية يُرسّخ صورة إيجابية لمهنة المحاماة كدعامة للعدالة والكرامة الإنسانية.
إن أهمية التعامل مع الموكل بإنسانية عالية تكمن في كونه ليس خيارًا إضافيًا بل التزامًا أصيلًا، يعكس شرف المهنة ويُعيد لها بريقها الحقيقي. فالقانون بلا إنسانية قد يتحول إلى أداة جافة، أما حين يُمزج بالرحمة والاحترام، فإنه يصبح حقًا وسيلة لتحقيق العدالة المنشودة.
عمر صقر
محام – عضو إتحاد المحامين العرب